صعد الأهلي السعودي منصة التتويج في دوري أبطال آسيا للنخبة عقب الفوز بهدفين نظيفين على كاواساكي فرونتال الياباني، بملعب الإنماء “الجوهرة المشعة سابقا”، ليمحو بذلك الكثير من العثرات التي ظلت عالقة في أذهان جماهير وعشاق الراقي، لكن يبقى السؤال عن تكلفة الوصول الباهظة التي دفعها الفريق خلال الفترة الماضية.
وكان ثمن الوصول إلى منصة التتويج في دوري أبطال آسيا للنخبة كبيراً على مختلف الأصعدة بداية من التشكيك في صفقة البرازيلي جالينو القادم في الشتاء الماضي مروراً بالانتقادات التي تعرض لها الألماني ماتياس يايسله نتيجة الإخفاق في التقدم داخل جدول ترتيب دوري روشن السعودي ووصولاً إلى مستوى الخط الخلفي ووسط الملعب.
في الأهلي… الثمن باهظ
مر الأهلي بسلسلة طويلة من الإخفاقات استدعت هبوطه إلى منافسات “يلو” وصعد مع الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، ليحاول جمع شتات نفسه، ويحاول إقامة مشروع تحت قيادة الألماني ماتياس يايسله، الذي قرر التعاقد مع سلسلة من الأسماء لتدعيم الصفوف، وفي الوقت نفسه المنافسة على دوري روشن السعودي.
اقرأ أيضاً :
الأهلي يحصد الثمرة… وكاواساكي يستنشق رياح النصر
اعتقد البعض أن يايسله لا يزال شاباً ولا يمكنه قيادة فريق بحجم الأهلي، خاصة أن الضغوط الكبيرة لا يمكن احتمالها من الجماهير التي عادة ما تطالب الراقي بتقديم مستويات مميزة خلال مختلف البطولات التي يشترك فيها.
وما زاد من حجم المشاكل أن البرازيلي جالينو الذي تعاقد معه الأهلي في فترة الانتقالات الشتوية مقابل 50 مليون يورو قادماً من بورتو البرتغالي لم يظهر بالمستوى المطلوب خلال بدايته وهو ما تسبب في موجة من الغضب بين الجماهير، لكن تحسن مستوى النتائج خفف من وطأة السخط.
وظلت صفقة جالينو تطارد الأهلي خاصة بعد تصريحات أندريا فيلاش بواش رئيس نادي بورتو الذي اعترف في تصريحات لصحف محلية في بلاده بأن قرار بيع الجناح البرازيلي جاء بناء على قرار فني بسبب تراجع مستواه ولولا ذلك لما تخلت الإدارة عنه لصالح الراقي.
وتسببت تصريحات رئيس بورتو في موجة غضب داخل الأهلي بسبب توقيتها حيث ينافس الراقي في الأدوار الإقصائية ببطولة دوري أبطال آسيا للنخبة، وكان من الأفضل الصمت في مثل هذه الأحداث لكن رئيس بورتو كان يريد أن يخفف الضغوط على الإدارة التي تعرض لانتقادات بسبب بيع جالينو في الشتاء وعدم تعويضه بلاعب مماثل له مما أثر بالسلب في المستوى.
ولكن كان الرد من جالينو في الوقت المناسب حيث سجل هدفاً رائعاً، من خارج منطقة الجزاء سكنت شباك كاواساكي في أعلى الزاوية اليسرى لا يستطع الحارس الياباني التصدي لها، افتتح بها النتيجة، وهي اللحظة التي أصيب فيها المنافس بالارتباك الشديد وتوالت بعدها الأخطاء الدفاعية.
ويبدو أن يايسله راهن كثيراً على تحركات جالنيو وقدرته على التسديد الدقيق، واستغلال ضغف خط وسط كاواساكي في الضغط من خارج منطقة الجزاء وحاول التنبيه على اللاعب البرازيلي كي يكون سريعاً في قراره.
ويُحسب للمدرب الألماني قراره بالتخلي عن فيرمينو لصالح قيد جالينو في القائمة المحلية وذلك كي يكتسب حساسية المباريات ويصبح جاهزاً للمنافسة في دوري أبطال آسيا للنخبة، حيث يبدو أن الفريق كان بحاجة إلى عنصر شاب وواعد في مركز الجناح.
وسط الأهلي مختلف
حصل الإيفواري فرانك كيسيه على الكثير من الفرص وأثبت نفسه بجدارة واستحقاق قدرته على قيادة وسط الأهلي واستطاع تسجيل الهدف الثاني في المباراة النهائية برأسية، لكن بخلاف نجاحه في هز شباك كاواساكي فإنه كان يحمل على عاتقة الربط بين الخطوط والانطلاق والتسديد وإفساد الهجمات ويبدو أن اللاعب القادم من صفوف برشلونة الإسباني قد أثبت أنه صفقة ناجحة بكل المقاييس.
وظل وسط الأهلي يسيطر على أجواء المباراة وحتى في اللحظات التي تخلى فيها كاواساكي عن حذره الدفاعي وأدرك أنه لا يوجد أمامه سوى الهجوم في محاولة للتعويض، كان نجوم الراقي في الموعد ولم يسحموا له بالوصول كثيراً للمرمى وذلك بعد سلسلة من التعليمات التي أطلقها يايسله خلف الخط.
وربما سيكون الأهلي مادة دسمة لوسائل الإعلام الآسيوية حيث ستكون تجربته في الفوز باللقب القاري مثيرة للدراسة والاستيعاب والتطبيق، لا سيما أن مدربه يايسله تلقى انتقادات لاذعة نتيجة التفريط في عدد كبير من النقاط بمنافسات دوري روشن السعودي.
ردود أفعال واسعة
أعرب البرازيلي فيرمينو عن سعادته بالإنجاز حيث كتب عبر حسابه على موقع التغريدات الشهير “إكس” : ” سعيد وممتن لله على منحنا هذا النصر، هذا يعني لي أكثر من مجرد كأس، إنه يعني تحقيق ما جئت من أجله، نجحت في إدخال البهجة إلى قلوب هذه الأمة، وقدمت أفضل ما لدي، داخل الملعب وخارجه”
ورغم أن فيرمينو جرى استبعاده من القائمة المحلية لصالح مواطنه جالينو فإنه ظل يقدم مستويات مميزة في بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة وكان أحد أسباب التأهل على حساب الهلال إلى المباراة النهائية، ليثبت اللاعب القادم من ليفربول الإنجليزي أنه صفقة منضبطة نجح الراقي في إبرامها.
ومن جانبه تطرق طلال آل شيخ الرئيس السابق للشباب السعودي عن تعاقدات الراقي قائلا في تصريحات تلفزيونية : ” الأهلي سجّل حوالي 12 لاعبًا أجنبياً في البطولة الآسيوية، منهم لاعبون مثل فيرمينو وأليوسكي، لم يكونوا معه في الدوري المحلي، مما منح الفريق خيارات أفضل، الفريق يحتاج لاعبين محليين بمستوى عالٍ في دوري روشن، وبعض المراكز الأجنبية تحتاج إلى تغيير، خاصةً مع توافر الإمكانيات”
وحرص التونسي طارق ذياب لاعب الأهلي السعودي السابق على التحدث عن الإنجاز الذي حققه الفريق عبر فيديو بثه عبر موقع التغريدات “إٍكس” قال فيه : ” ليلة تاريخية في مسيرة النادي الأهلي، من خلال الفوز ببطولة الأبطال الآسيوية، التي قدم فيها مستوى مميزا، وسيطر على البطولة منذ بدايتها، كان واضحًا من مسيرة الفريق، أنه من أبرز المرشحين للظفر باللقب، وقدم مباراة كبيرة أمام كاواساكي، خصوصًا في الشوط الأول”
وواصل ذياب حديثه : ” عانت الكثير، ورغم التحديات الصعبة، وقفت وراء فريقها واستمرت في دعمه.. حتى عندما هبط لدوري الدرجة الأولى قبل موسمين، كانت تحضر بالآلاف”
وأبدى حاتم خيمي رئيس نادي الوحدة السعودي السابق في تصريحات تلفزيونية إعجاب بمدرب الراقي حيث قال : ” منذ البداية، كنت مقتنعا بالإمكانيات الكبيرة للمدرب يايسله.. وعندما كنت أتحدث بإيجابية عنه، كان البعض يرى أنني أضلل الجماهير الأهلاوية.. واليوم يايسله قام بالرد، الإدارة كانت في طريقها لإقالته، في وقت سابق من الموسم، لكن الجمهور كان واعياً ورفض ذلك، وأوصل رسالته للإدارة بطريقة جميلة من خلال الاحتجاجات”
أما نجم الفريق الحالي فراس البريكان فكتب عبر حسابه على موقع التغريدات “إكس” : ” أسهل قرار اتخذته في حياتي هو انتقالي إلى الأهلي، سعيد جدًا بتحقيق هذا الإنجاز التاريخي للنادي وجماهيره العظيمة التي تستحق الفرح، هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لكم، وإن شاء الله تكون انطلاقتنا نحو الفوز بجميع البطولات، الحمد لله على كل حال”
والجدير بالذكر أن البريكان من العناصر الواعدة في صفوف الأهلي ويجري الاعتماد عليه بصفة شبه مستمرة من الفرنسي هيرفي رينارد المدير الفني لمنتخب السعودية حيث يجيد اللعب في الكثير من مراكز الهجوم لذا يعد من الأوراق الرابحة.
