حالة خاصة فرضها كريستيانو رونالدو قائد النصر ومنتخب البرتغال عقب وصوله إلى دوري روشن السعودي قبل أن تتحول المسابقة إلى “مغناطيس” لاستقطاب أفضل النجوم العالميين وزيادة القيمة السوقية للأندية المنتمية إلى البطولة.
وأكسب رونالدو شهرة واسعة لمنافسات دوري روشن السعودي، باعتباره من أساطير كرة القدم وحصد جائزة الكرة الذهبية في عدة مناسبات، لكن في الوقت نفسه فإنه أيضا تجاوز الأربعين من العمر وأصبح أدائه لا يتناسب كثيراً من الاحتياجات الحالية للفريق، لكن يبقى السؤال الحائر، لماذا ينجح النجم البرتغالي فردياً ويفشل جماعياً مع النصر، في الوقت الذي لم يحقق فيه العالمي أي بطولات رسمية بخلاف البطولة العربية.
رونالدو شعلة تألق
ليس غريباً أن يكون رونالدو اللاعب الأبرز في صفوف النصر بسبب الأداء الفردي الذي يحققه مع ناديه، وهو ما يجبر المدربين سواء المدير الفني السابق لويس كاسترو أو الحالي ستيفانو بيولي على الإبقاء عليه ومحاولة توظيف اللاعبين لخدمته من أجل الاستفادة أكثر من الأرقام التهديفية التي تظهر على أرض الملعب.
اقرأ أيضاً :
5 مدربين يخطفون الأنظار في دوري روشن السعودي
خاض رونالدو 29 مباراة في منافسات دوري روشن السعودي، استطاع خلالها تسجيل 24 هدفاً، وصنع ثلاثة آخرين، فيما لعب مواجهة واحدة في كأس خادم الحرمين الشريفين، لم يكن له أي تأثير إيجابي فيها.
أما في دوري أبطال آسيا للنخبة، كان تأثيره جيداً مع النصر، بعدما سجل 8 أهداف في 8 مباريات بمعدل هدف في كل مباراة، في حين لم يشارك اللاعب في بعض المواجهات التي استدعت السفر إلى إيران في بعض الأحيان، فيما سجل هدفين وصنع آخر خلال منافسات كأس السوبر السعودية.
وفي المجمل لعب رونالدو في الموسم الحالي 40 مباراة سجل خلالها 34 هدفاً، بالإضافة إلى صناعته 4 أهداف، وهو أكثر نجم شارك في الأهداف سواء بالتسجيل أو الصناعة في الموسم الحالي، في دلالة على أن الأداء الفردي الذي يقدمه لا يمكن مقارنته مع أي لاعب آخر في دوري روشن السعودي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يجد النصر ضالته في صعود منصات التتويج؟
رونالدو… السر ورا ء الخلف
للفوز بالبطولات لا يجب فقط الاعتماد على تسجيل الأهداف، حيث أن هز شباك لا يعني أي شيء طالما الدفاع يرتكب الأخطاء والهفوات، وإذا لم يشارك خط الهجوم في المنظومة الجماعية لإفساد خطط المنافسين سيخرج الفريق في كثير من الأحيان بلا بطولات مثلما حدث مع النصر هذا الموسم.
ولكن في النصر فإن المشاكل الدفاعية جزء لا يتجزأ من المستوى الذي يقدمه الفريق خاصة مع الأخطاء التي ارتكبها قلب الدفاع الإسباني إيميريك لابورت خاصة في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، والتي كلفت الفريق الخسارة أمام كاواساكي فرونتال الياباني.
واضطر بيولي لاستبعاد لابورت من حساباته حتى نهاية الموسم، فيما أشارت تقارير صحافية إلى طلبه إبعاد اللاعب والتعاقد مع بديل له، بحيث يشارك الفرنسي محمد سيماكان الخط الخلفي، في الوقت الذي لم تفلح محاولات الإدارة في مساعدة رونالدو حين ضمت الكولومبي جون دوران.
وحصل النصر على توقيع دوران من أستون فيلا في فترة الانتقالات الشتوية الماضية مقابل 77 مليون يورو بالإضافة إلى 13 أخرى متغيرات، ولكن اللاعب تألق فقط في بداية مشاركاته، لكن سرعان ما تراجع مستواه، وقد جاء اللاعب لمعاونة رونالدو في الخط الأمامي في حين لم يكن الأداء مقارباً للتوقعات.
ولا يمكن لرونالدو بهذا العمر أن يستمر في الضغط حين يفقد النصر الكرة، مثلما كان في العشرينيات وفي كل مباراة، وهو ما يضع الفريق تحت ضغط خاصة أن دوران نفسه بطيء في عملية التحرك، فيما اعتقد البعض أن ثنائية الدون والكولومبي لن يكتب لها النجاح بسبب تشابه المستوى والأداء.
انقسام
اضطر رونالدو للوقوع في انتقادات كبيرة بسبب عدم فوز النصر بالبطولات هذا الموسم، والاكتفاء فقط بالوصول إلى نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، ولكن صاحب ذلك مقارنات بين ما قدمه النجم البرتغالي والصورة الجماعية التي أظهرها الألماني ماتياس يايسله مع الأهلي ولوران بلان حين قاد الاتحاد في بداية الموسم الحالي.
ويملك يايسله رؤية ثاقبة، ففي الأوقات التي كان عليه بذل مجهود كبير في مباريات صعبة، اضطر إلى التراجع إلى الخلف في المنافسة على لقب دوري روشن السعودي، مع التركيز على اللقب الآسيوي لتحقيق المجد الغائب لقلعة الراقي.
أما بلان فاستغل استبعاد الاتحاد من المشاركة في دوري أبطال آسيا للنخبة نتيجة المركز المخيب في الموسم الماضي، وتعامل مع الموقف الحالي بما يدعو للفخر حيث حقق رسمياً لقب دوري روشن السعودي، وكانت آخر النجاحات المؤثرة له أنه استطاع الفوز على النصر بثلاثة أهداف بعدما كان متأخراً عنه بهدفين في “ريمونتادا” ستظل خالدة في عقول جماهير النمور.
وتأهل بلان مع الاتحاد إلى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، لمواجهة القادسية بعد “ريمونتادا” خيالية أمام الشباب في نصف النهائي حيث جرى تسجيل هدفين في الوقت بدل الضائع لينقلت التأخر بهدفين لهدف إلى فوز بثلاثة أهداف.
كل ذلك شاهده رونالدو، وعلى الفور انطلقت وسائل الإعلام تسرد حالة الغضب التي شعر بها قائد النصر بعدما خرج فريقه خالي الوفاض من البطولات ولم يحقق الألقاب، وستضطر الإدارة للتعاقد مع لاعبين جدد لإرضاء “الدون” لا سيما أن اللاعب لم يجدد عقده رسمياً ويحاول البحث عن وسائل لتقوية الفريق مستغلاً ورقة البقاء في صفوف العالمي لاستمرار الإنفاق على التعاقدات.
وخرجت الكثير من الأخبار والشائعات التي تفيد بأن رونالدو لديه مطالب في التعاقدات، بالرغم أن الفريق يحاول البحث عن حلول جذرية قادرة على صناعة الفارق، كان من بينها ضرورة استبعاد لابورت من الحسابات وإبعاد أنجلينو والإبقاء على لاعب الوسط الدفاعي الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش الذي تقدم في السن، ويحتاج الفريق إلى عناصر شابة لمواجهة ما يقدمه الأهلي والاتحاد، بالإضافة إلى الشكل المنتظر الذي سيظهر عليه الهلال في التعاقدات خلال كأس العالم للأندية التي ستقام في الولايات المتحدة الأمريكية الشهر المقبل.
وبين مطالب رونالدو، وحالة الانقسام حول ضرورة الاستمرار داخل الفريق من عدمه وضرورة التفكير خارج الصندوق من أجل استفادة النصر من الأموال المدفوعة بضم عناصر تصب في صالح الأداء الجماعي.
وغاب رونالدو عن مواجهة الأخدود في دوري روشن السعودي، فاستطاع النصر الفوز بتسعة أهداف نظيفة وهي المباراة التي حاول فيها عدد من المؤيدين التأكيد على أن الأداء الجماعي كان السبب في تلك النتيجة الكبيرة، لكن في الوقت نفسه فإن البعض رأى أن لو تواجد رونالدو في تلك المواجهة لارتفعت الحصيلة التهديفية إلى 14 هدفاً.
وسيظل رونالدو يمثل حالة من الجدل فرضها التألق الكبير على المستوى الفردي، لكن في الوقت نفسه فإن هز الشباك فقط لا يقود النصر إلى منصات التتويج، لا سيما أن هناك أمثلة أخرى مثل الأهلي والاتحاد غاب عنها نموذج النجم الواحد فاستطاعت الوصول بعيداً، حيث كان بلان واضحا من البداية في أن نجمه الأول الفرنسي كريم بنزيمة سينخرط في سلسلة من المشاركات الجماعية بهدف تحسين المستوى خاصة أن الإدارة تعاقدت مع لاعبين قريبين من أفكاره مثل موسى ديابي وحسام عوار.
